تفضيل
الإمام علي عليه السلام على من
سواه
يمكننا الاستدلال على تفضيل
الإمام علي عليه السلام على من
سوى الرسول صلى الله عليه وآله
بالأدلة الآتية:
الدليل
الأول: آية المُبَاهَلَة
لما دعا رسول الله صلى الله عليه
وآله نصارى نَجْران إلى المُباهلة،
ليوضِّح عن حقه ويُبَرهن على ثبوت
نُبوّته، ويدل على عنادهم في
مخالفتهم له، بعد الذي أقامه من
الحجة عليهم، جعل علياً عليه
السلام في مرتبته، وحكم بأنه
عَدله، وقضى له بأنه نفسه، ولم
يُقلِّل من مرتبته في الفضل،
وساوى بينه وبينه.
فقال صلى الله عليه وآله مخبراً
عن رَبِّه عزَّ وجلَّ:
﴿فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ
مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ
الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ
أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ
وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ
وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ
نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ
الله عَلَى الْكاذِبِينَ﴾
آل عمران: 61
فدعا صلى الله عليه وآله الحسن
والحسين عليهما السلام للمباهلة،
فكانا ابنيه في ظاهر اللفظ، ودعا
فاطمة عليها السلام وكانت
المُعبَّرُ عنها بـ (نِسَاءنَا)،
ودعا أمير المؤمنين عليه السلام
فكان المحكوم له بأنه نفس النبي
صلى الله عليه وآله.
وإذ كان لا يصح دعاء الإنسان نفسه
إلى نفسه ولا إلى غيره، فلم يَبقَ
إلا أنه صلى الله عليه وآله أراد
أمير المؤمنين عليه السلام
للتعبير عن النفس، وإفادة المثل،
والنظير، ومن يحلّ منه في العِزِّ
والإكرام، والمَودَّة والصيانة،
والإيثار والإعظام والإجلال.
و لو لم يدل من خارج دليل على أن
النبي صلى الله عليه وآله أفضل من
أمير المؤمنين عليه السلام لَقَضى
هذا الاعتبار بالتساوي بينهما في
الفضل والرتبة، ولكن الدليل أخرجَ
ذلك وبقي ما سواه بمقتضاه.
الدليل
الثاني: حُبّه عليه السلام
جعل رسول الله صلى الله عليه وآله
حب علي عليه السلام حبّاً له
وبالعكس.
ومن ذلك أنه صلى الله عليه وآله
جعل حكم موالي أمير المؤمنين عليه
السلام كحكم مواليه صلى الله عليه
وآله، وحكم معادي أمير المؤمنين
عليه السلام كحكم معاديه صلى الله
عليه وآله، ولم يجعل بينهما فصلاً
بحال، وكذلك الحُكم في بُغضه
وَوِدِّه عليه السلام.
وقد علمنا أنه صلى الله عليه وآله
لم يضع الحكم في ذلك للمُحاباة،
بل وضعه على الاستحقاق ووجوب
العدل في القضاء.
الدليل
الثالث: حديث الطائر المشوي
وهو الحديث المروي في كتب
الفريقين عن رسول الله صلى الله
عليه وآله أنه قال: "اللَّهُمَّ
ائتِني بأحبِّ خَلقِكَ إليكَ
يَأكل مَعي من هَذا الطائر".
فجاء علي عليه السلام، فلما بَصر
به رسول الله صلى الله عليه وآله
قال: (وَإِليَّ) – يعني: أحبّ
الخلق إلى الله تعالى وإليه صلى
الله عليه وآله –.
وقد علمنا أن محبة الله تعالى
لخلقه إنما هي ثوابه لهم، وتعظيمه
إياهم، وإكباره وإجلاله لهم.
وإذا ثبت أن أمير
المؤمنين عليه السلام أحب
الخلق إلى الله تعالى،
فقد وضح أنه أعظمهم ثواباً
عند الله وأكرمهم عليه، و
ذلك لا يكون إلا بكونه
أفضلهم عملاً، وأرضاهم
فعلاً، وأجَلّهم في مراتب
العابدين. |
الدليل
الرابع: مقامه عليه السلام يوم
القيامة
عن النبي صلى الله عليه وآله أن
أمير المؤمنين عليه السلام يلي
معه الحوض يوم القيامة، ويحمل بين
يديه لواء الحمد إلى الجنة.
وأنه عليه السلام قَسيم الجنة
والنار، وأنه يعلو معه في مراتب
المنبر المنصوب له يوم القيامة
للمآب.
وأنه لا يجوز الصراط يوم القيامة
إلا من معه براءة من علي عليه
السلام من النار، وأن ذريته
الأئمة الأبرار عليهم السلام
يومئذٍ أصحاب الأعراف.
و قد ثبت أن القيامة محل الجزاء،
وأن الترتيب في الكرامة فيها بحسب
الأعمال، ومقامات الهوان فيها على
الاستحقاق بالأعمال.
الدليل
الخامس: الأخبار الواردة عن
الشيعة بالأفضلية
وهي كثيرة، نذكر منها ما يلي:
1 - قول الإمام الصادق عليه
السلام: (أما والله، لو لم
يَخلُق الله علي بن أبي طالب لما
كان لفاطمة بِنت رسول الله كفء من
الخلق، آدم فمن دونه).
2 - وقوله عليه السلام: (كانَ
يوسُف بن يعقوب نبي بن نبي بن نبي
بن خليل الله وكان صِدِّيقاً
رسولاً، وكان والله أبي أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب أفضلُ
منه).
3 - وقوله عليه السلام وقد سُئل
عن أمير المؤمنين عليه السلام:
ما كانت منزلته من النبي صلى الله
عليه وآله؟
فقال عليه السلام: (لَم يَكُن
بَينَهُ وبينَه فضلٌ سِوى
الرِّسالة التي أورَدَها).
4 - قول الأئمة المعصومين عليهم
السلام جميعاً بالآثار المشهورة،
مثل قولهم: (لولا رسولُ الله
وعلي بن أبي طالب لم يخلق الله
سماءً ولا أرضا، ولا جَنَّة ولا
ناراً).
وهذا يفيد فضلهما، وتعلق الخلق في
مصالحهم بمعرفتهما، والطاعة
والتعظيم والإجلال لهما عليهما
السلام.
الدليل
السادس: الأخبار الواردة عن
السنَّة بالأفضلية
1- روت العامة من طريق جابر بن
عبد الله الأنصاري وأبي سعيد
الخدري رحمهما الله عن النبي صلى
الله عليه وآله أنه قال: (عَليّ
خَيرُ البَشَر).
2- روي عن عائشة أنها قالت في
الخوارج حين ظهر أمير المؤمنين
عليه السلام عليهم وقَتَلَهُم: ما
يمنَعُني مما بيني وبين علي بن
أبي طالب أن أقول فيه ما سمعته من
رسول الله فيه وفيهم، سمعتُه يقول:
(هُمْ شَرّ الخَلْق والخَليقَة،
يَقتُلُهم خَيرُ الخَلَق
والخَليقَة).
3- روي عن جابر بن عبد الله
الأنصاري أنه صلى الله عليه وآله
قال: (عَليّ سَيِّدُ البَشَر،
لا يَشُكّ فيه إِلا كَافِر).
وغيرها من الأخبار الكثيرة التي
وردت عند العامة.
الدليل
السابع: جهاده عليه السلام
إذا كان الإسلام أفضل الأديان
لأنه أعَم مصلحة للعباد، كان
العملُ في تأييد شرائعه أفضل
الأعمال.
وكان الإمام عليه السلام هو
الناصر والمعين للنبي صلى الله
عليه وآله فاقتضى ذلك فضله على
كافة من فَاتَه ذلك من السالفين
ومن الأمم المتأخرين. |